10 Aralık 2017 Pazar

القُدْسُ: جُرْحُنا الَّذِي لا يَنْدَمِلُ


الولاية: عموم الولايات

التاريخ : 08. 12. 2017


القُدْسُ: جُرْحُنا الَّذِي لا يَنْدَمِلُ

بارَكَ اللهُ لَكُمْ في جُمُعَتِكُمْ إِخْوانِيَ الأَعِزّاءُ!

يَقولُ اللهُ تَعالى في كِتابِهِ العَظيمِ: "سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ"[1]. وَيَقولُ رَسولُنا الكَريمُ (ص): "لا تُشَدُّ الرِّحالُ إلاَّ إلى ثَلاثَةِ مَساجِدَ: المَسْجِدِ الحَرامِ، وَمَسْجِدي هَذا، وَالمَسْجِدِ الأَقْصى"[2].

القُدْسُ نُورُ عُيونِنا، وَحَنينُنا الذي لا يَزُولُ وَلا يَنْتَهي. وَالقُدْسُ مَدينَةٌ مُبارَكَةٌ مُقَدَّسَةٌ بِاسْمِها وَما حَولَها، مَدينَةٌ شَهِدَتِ الكَثيرَ مِنَ الأَنْبِياءِ وَالرُّسُلِ وَهُمْ يُلاقونُ الأَمَرَّيْنِ مِنْ أَجْلِ عَقيدَةِ التَّوْحيدِ وَتَبْليغِ الدَّعْوَةِ. وَالقُدْسُ هِيَ القُدْسُ الشَّريفُ، أَوْ بِاسْمِها الآخَرِ، بَيْتُ المَقْدِسِ. في القُدْسِ والمَناطِقِ المُجاوِرَةِ لَها التي كانَتْ مَهْدَ الحَضاراتِ عَلى مَدارِ آلافِ السِّنينِ عاشَ العَديدُ مِنَ الأَنْبِياءِ مِنْ أَمْثالِ إِبْراهيمَ وَيَعْقوبَ وَموسى وَسُلَيْمانَ وَعيسى عَلَيْهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ. وَبِحادِثَةِ الإِسْراءِ وَالمِعْراجِ كانَ سَيِّدُنا مُحَمَّدٌ (ص) آخِرَ ضَيْفٍ مُبارَكٍ يَزورُ القُدْسَ. وأوَّلُ قِبْلَةِ الْمُسْلِمِينَ هُو المَسْجِدُ الأَقْصى وهُو فى الْقُدْسِ.

إِنَّ القُدْسَ وَالمَسْجِدَ الأَقْصى بُشْرى رَسولِ اللهِ (ص) وَأَمانَتُهُ. وَالقُدْسُ هِيَ المَدينَةُ التي يَهْواها وَيُعِزُّها كُلُّ مُؤْمِنٍ. وَالقُدْسُ لَيْسَتْ أَرْضاً كَغَيْرِها مِنَ الأَراضي. وَالقُدْسُ لَيْسَتْ قَضِيَّةً تَخُصُّ المُسْلِمينَ الذينَ يَعيشونَ في فِلَسْطِينَ وَجِوارِ المَسْجِدِ الأَقْصى فَحَسْبُ. بَلْ هِيَ قَضِيَّةٌ مُشْتَرَكَةٌ تَخُصُّ جَمِيعَ المُسْلِمينَ الذينَ يَعيشونَ في فِلَسْطِينَ وَجِوارِ المَسْجِدِ الأَقْصى، وَفى كُلِّ أَنْحاَءِ العالَمِ على حَدٍّ سَواءٍ.

إِخْوانِيَ الأَكارِمُ!

عاشَتِ القُدْسُ في أَمْنٍ وَأَمانٍ بَعْدَ أَنْ فَتَحَها سَيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَحَكَمَها المُسْلِمونَ بِالعَدْلِ على مَدى سَنَواتٍ طَويلَةٍ. وَعاشَ الجَميعُ في احْتِرامٍ مُتَبادَلٍ دَونَ التَّعَرُّضِ لِنَفْسِ أَحَدٍ وَلا مالِه وَلا دِينِه، حَتَّى أَنَّ غَيْرَ المُسْلِمينَ كانوا يَعْتَمِدونَ على عَدْلِ المُسْلِمينَ في حَلِّ الخِلافاتِ التي كانَتْ تَنْشَبُ بَيْنَهُمْ. لَكِنَّ القُدْسَ التي هِيَ دارُ السَّلامِ حَزينَةٌ تَبْكي دَماً مُنْذُ أَمَدٍ بَعيدٍ. فَالقُدْسُ اليَوْمَ جُرْحُنا الذي لا يَنْدَمِلُ، وَأَلَمُنا الذي لا يَهْدَأُ. والقُدْسُ لَمْ تَعُدْ دارَ السَّلامِ بَعْدَ أَنْ تَعَرَّضَتْ لِهَجَماتٍ شَتّى، وَلَمْ تَعُدْ تَسْكُتُ الأَسْلِحَةُ في دِيارِ الأَنْبِياءِ، وَلا يَتَوَقَّفُ فيها قَتْلُ الأَبْرِياءِ بِهَمَجِيَّةٍ وَوَحْشِيَّةٍ لا تَرْحَمُ.

إِخْواني!

يَعيشُ المُسْلِمُونَ في القُدْسِ وَما حَوْلَها في ظِلِّ مُمارَساتٍ غَيْرَ إِنْسانِيَّةٍ كَالقَمْعِ وَالعُنْفِ وَالعُزْلَةِ. وَتُسْلَبُ حُرِّيَتُهُمْ في الحَياةِ وَالدِّينِ وَالفِكْرِ، وَيَتِمُّ النَّيْلُ مِنْ هُوِيَّتِهِمْ وَشَخْصِيَّتِهِمْ وَعِرْضِهِمْ وَشَرَفِهِمْ وَكَرامَتِهِمْ. وَبِالأَمْسِ القَريبِ مُنِعَ المُؤْمِنونَ مِنْ دُخولِ المَسْجِدِ الأَقْصى التي هِيَ قُرَّةُ أَعْيُنِنا، وَاليَوْمَ يَتِمُّ العَمَلُ على احْتِلالِ القُدْسِ وَتَهْويدِها. فَهُناكَ مُحاوَلاتٌ لِاتَّخِاذِ القُدْسِ عاصِمَةً لِإِسْرائيلَ دونَ أَنْ تُقيمَ وَزْناً لِلإِنْسانِيَّةِ وَالأَعْرافِ وَالحُقوقِ الدَّوْلِيَّةِ.

يَجِبُ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ هَذِهِ المُبادَراتِ الشَّنِيعَةَ تَرْمي إلى تَحْويلِ القُدْسِ وَما حَوْلَها إلى مِنْطَقَةٍ لِلصِّراعِ وَالنِّزاعِ، وَهَذا النَّوْعُ مِنَ المُحاوَلاتِ المُنْكَرَةِ الَّتي لا يُمْكِنُ قَبولُها؛ هِيَ ضَرْبَةٌ عَنيفَةٌ لِوِجْدانِ الإِنْسانِيَّةِ، وَخُطْوَةٌ خَطيرَةٌ لِزَعْزَعَةِ الأَمْنِ وَالسَّلامِ.  

إِخْوانِيَ الأَعِزّاءُ!

تَعيشُ الإِنْسانِيَّةُ آلاماً كَبيرَةً بِسَبَبِ العُنْفِ وَالظُّلْمِ وَالحُروبِ وَالهِجْرَةِ. وَهَذِهِ المُحاوَلاتُ المُفْتَقِرَةُ إلى الإِنْصافِ وَالوِجْدانِ، وَالبَعيدَةِ كُلَّ البُعْدِ عَنِ البَصيرَةِ وَالفِراسَةِ والحِكْمَةِ، وَالرَّامِيَةِ إلى تَهْويدِ القُدْسِ، يُثيرُ قَلَقَ كُلِّ إنْسانٍ يَمْلِكُ حِسَّاً سَليماً. وَما يَجِبُ عَلَيْنا فِعْلُهُ إِزاءَ هَذِهِ المُحاوِلاتِ هِيَ أَنْ نَسْتَنْكِرَها وَنَرْفُضَها رَفْضاً تامّاً، وَأَنْ لا نَرْضَى بِالظُّلْمِ وَالخَطَأ أَيْنَما كانَ وَكَيْفَما كانَ.

ومِنَ الْواَضِحِ الْبَيِّنِ أنَّ هُناكَ دُروساً وَعِبَراً يَجِبُ عَلَيْناَ أنْ نَسْتَخْلِصَها مِنْ كُلِّ هَذِهِ الكَوارِثِ وَالمَظالِمِ التي تَتَعَرَّضُ لَها اليَوْمَ الجُغرْافِيَةُ الإِسْلامِيَّةُ وَإِخْوانُنا وَالإنْسانِيَّةُ. فَتَعالَوْا نُوَطِّدْ سَريعاً أُخُوَّتَنا في الإِيمانِ. وَلْنَعْمَلْ ما بِوُسْعِنا مِنْ أَجْلِ التَّخَلُّصِ مِنَ الصُّعوباتِ وَالْآلامِ التي نَعيشُها. تَعالَوْا نَعِشْ دينَنا وَقِيَمَنا، وَلْنُعَلِّمْهُ لِأَجْيالِنا القادِمَةِ.

إِخْوانِيَ الأَفاضِلُ!

حافَظَ شَعْبُنا العَزيزُ وَلا يَزالُ على الرَّوابِطِ المَعْنَوِيَّةِ التي تَرْبِطُهُ بِالقُدْسِ وَالمَسْجِدِ الأَقْصى وَإِخْوانِنا الفِلِسْطِينِيِّينَ المَظْلومينَ. بِهَذا الوَعْيِ نَتَوَجَّهُ إلى اللهِ تَعالى وَنَدْعوهُ في هَذِهِ السَّاعَةِ المُبارَكَةِ مِنْ يَوْمِ الجُمُعَةِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِنَ المُسْلِمينَ المُخْلِصينَ الذينَ يَشْعُرونَ بِآلامِ إِخْوانِنا المَظْلومينَ في العالَمِ، وَيُضَحُّونَ بِجُهودِهِمْ وأَمْوالِهِمْ مِنْ أَجْلِ مُساعَدَتِهِمْ. اللَّهُمَّ لا تَجْعَلْنا مِنَ الظّالِمينَ المُجَرَّدينَ مِنَ الفَراسَةِ وَالبَصيرَةِ وَالوِجْدانِ. اللَّهُمَّ لا تُمَكِّنِ الذينَ يُريدونَ احْتِلالَ القُدْسِ وَالبُلْدانِ الإِسْلامِيَّةِ، وَلا الذينَ يُفْسِدونَ بِاسْمِ الإِصْلاحِ، وَيَقْضونَ عَلى الأَمْنِ وَالسَّلامِ. اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ دُعاءَنا بِحُرْمَةِ هَذا اليَوْمِ المُبارَكِ!.



[1] الإسراء، 17/ 1.
[2] مسلم، الحج، 511.  
 
من إعداد المديرية العامة للخدمات الدينية

Hiç yorum yok:

Yorum Gönder

İMAN - İTAAT

İMAN- İTAAT Bizler bazı şeyleri ya yanlış anlıyoruz yada işimize öyle geliyor o şekilde kullanıyor, davranıyor , savunuyoruz. Alla...